اسليدرالصحة العامةمنوعات ومجتمع

تأثير الهواتف الذكية على خصوبة الرجال

احجز مساحتك الاعلانية

لا يمكن تصور رجل يعيش في هذا الزمان ويتواصل مع مجتمعه بصورة فعالة، لا يملك هاتفاً نقالاً أو حاسباً إلكترونياً مزوداً بخدمة الواي فاي.

لكن، في الوقت نفسه كثر الكلام والاهتمام بإمكانية وجود تأثيرات سلبية لهذه الهواتف على خصوبة الرجل.

وقد نشرت عدد من الصحف البريطانية ومواقع علمية عالمية خبراً عن دراسة تؤكد تأثير الهواتف النقالة على خصوبة الرجل،

ومن هذه الصحف والمواقع:
– ديلي ميل (Daily Mail): ذكرت الصحيفة أن الرجال الذين يستخدمون الهواتف النقالة لأكثر من ساعة يومياً، تتضاعف لديهم احتمالية تدني جودة النطف (ما يعني قلة في خصوبة الرجل، وقابليته على الإنجاب).

– الديلي تليغراف(Daily Telegraph): نشرت الصحيفة مقالاً بعنوان الهواتف النقالة تطبخ النطف عند الرجال (في إشارة لتأثيرات ضارة بالنطف تسببها الهواتف النقالة).

– موقع المجتمع الطبيعي (natural society): نشر مقال بعنوان هل تقتل الهواتف الجوالة النطف عند الرجال؟

وغيرها من المواقع التي أثارت القلق لدى الكثير من مستخدمي الهواتف النقالة، خاصة أن هذا الخبر ورد في صحف رصينة، ولها شهرتها في بريطانيا، وفي العالم أجمع.

وللوقوف على حقيقة الأمر نورد هنا (بتصرف) ما نشرته المؤسسة الوطنية للخدمات الطبية (NHS) في بريطانيا على موقعها على الإنترنت حول هذا الموضوع.

ذكر الموقع أولا ما أوردته الصحف البريطانية عن هذا الخبر، وبين أن جميع هذه الصحف استندت إلى نتائج أولية لدراسة أجريت في معهد كارمل الطبي، من دون ذكر قيود البحث

(الأمور التي يفتقر إليها البحث)، والتي يذكرها البحث بصورة واضحة، إلا أن الصحف سلطت الضوء فقط على النتائج.

كذلك فإن مقال صحيفة الديلي تيليغراف تضمن معلومات خاطئة عن الدراسة، إذ ذكرت في مقالها:

أن الأشخاص الذين يحملون هواتفهم النقالة في جيوب ملابسهم خلال فترة النهار، فإن نسبة 47% منهم سيتأثر لديهم مستوى النطف (عدد النطف).

لكن المعلومات التي وردت في الدراسة تذكر أن:

– 47% من الرجال الذين يحملون هواتفهم النقالة أثناء النهار في أماكن قريبة من منطقة العانة ضمن مسافة 50 سم، لديهم مستوى نطف غير طبيعي (عدد النطف أقل من المستوى الطبيعي)، في حين أن 53% منهم لديهم مستوى نطف طبيعي (عدد النطف طبيعي).

– أما الرجال الذين يحملون هواتفهم النقالة في أماكن تبعد أكثر من 50 سم عن منطقة العانة عندهم، فإن نسبة 11% منهم لديهم مستوى نطف غير طبيعي، و89% منهم لديهم مستوى نطف طبيعي.

وبين موقع المؤسسة الوطنية للخدمات الطبية في بريطانيا جميع الحقائق عن هذه الدراسة التي استندت إليها الصحف في مقالها،

والتي تضمنت الآتي:

• بين الباحثون في الدراسة أن هناك انخفاضاً في نوعية السائل المنوي عند الرجال بشكل عام خلال المائة عام الأخيرة، وأن إشعاعات الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهواتف النقالة قد تكون سببا في ذلك.

• أجريت الدراسة على 80 رجلاً كانوا يعانون من مشاكل في الإنجاب (الخصوبة)، عند مراجعتهم للمختبر لإجراء تحليل السائل المنوي، إذ قام الباحثون بطلب ملء استبيان من هؤلاء الأشخاص،

شمل الاستبيان عدة أسئلة عن أسباب محتملة لقلة الخصوبة كان من ضمنها استخدام الهواتف النقالة، والمعدل اليومي لاستخدام الهاتف النقال يوميا، والكلام بواسطة الهاتف النقال أثناء إعادة شحنه، وعدد من الأسئلة الأخرى تتعلق باستخدام الهاتف النقال.

• وجد الباحثون أن هناك علاقة بين استخدام الهاتف النقال وتركيز النطف في السائل المنوي (عدد النطف في السائل المنوي).

إذ إن عددا كبيرا من الرجال الذين يعانون من قلة عدد النطف في السائل المنوي يستخدمون الهاتف النقال بمعدل يتجاوز الساعة في اليوم، وكذلك يتكلمون بواسطة الأجهزة النقالة أثناء إعادة شحنها.

• أوصت الدراسة بحمل الهواتف النقالة في جيب القميص بدلا من جيب البنطلون، واستخدام سماعة الأذن أثناء التحدث بواسطة الهواتف النقالة.

• لم تبين الدراسة وجود أي علاقة بين الهواتف النقالة وحجم السائل المنوي، أو حركة ونشاط النطف، كما لم تستطع تقييم علاقة الهواتف النقالة بوجود نطف غير طبيعبة.

إلا أن المؤسسة الوطنية للخدمات الطبية في بريطانيا أضافت بأن هذه الدراسة احتوت على الكثير من القيود (النواقص أو يمكن تسميتها بالعيوب)،

والتي تشمل الآتي:

– نوع الدراسة:
الدراسة لم تكن بتسلسل زمني صحيح، إذ إنها استبينت عن استخدام الهاتف النقال لأشخاص يعانون من مشكلة في الإنجاب (لديهم مشكلة في السائل المنوي)، وهذا النوع من الدراسة لا يمكن أن يبين أو يثبت أن استخدام الهواتف النقالة كان سببا في وجود مشاكل في السائل المنوي.

إذ إننا لا نعلم منذ متى يعاني هؤلاء الأشخاص من مشاكل في السائل المنوي، (وهل كانت هذه المشكلة موجودة قبل استخدام الهاتف النقال أم لا)، كذلك فإننا لا نعلم المعدل الحقيقي لاستخدام الهاتف النقال عند هؤلاء الرجال

(لا توجد بينات موثقة عن المعدل الحقيقي لاستخدام الهاتف النقال، ولا نعلم إن كان استخدام الهاتف النقال لأكثر من ساعة في اليوم يتكرر بشكل يومي أم أنه يحدث أحيانا).

-حجم ونوع العينة
أجريت هذه الدراسة على عينة صغيرة جدا (80 رجلا)، وكانت العينة من طبقة واحدة تعاني أصلا من مشاكل في الإنجاب، ما يعني أن احتمالية إيجاد علاقة بين الهاتف النقال الذي يستخدمه أغلب الرجال ووجود مشاكل في السائل المنوي ستزداد بسبب هذه العينة القليلة،

والتي كما بينا تعاني أصلا من وجود مشاكل في الإنجاب، وللحصول على نتائج موثوقة يجب أن تتم الدراسة على عينة كبيرة (800 أو 8000 على سبيل المثال)، وتكون هذه العينة متنوعة (أي ليست من فئة واحدة أو مكان واحد).

– نوع الهاتف
إن الهواتف التي استخدمها الرجال الذين أجريت الدراسة عليهم، هواتف متنوعة أي أن الهواتف كانت مناشئ مختلفة، ولها صفات مختلفة،

وتختلف كمية إشعاعات الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف النقال من جهاز إلى آخر، كذلك فإن الدراسة لم تتطرق إلى المسافة بين أماكن سكن هؤلاء الرجال وأبراج الهواتف النقالة.

وهنا تؤكد مؤسسة الخدمات الطبية في بريطانيا أن الطريقة الصحيحة لدراسة تأثير الهاتف النقال على النطف عند الرجال يجب أن تدرس تأثير استخدام الهاتف لفترة طويلة على عينة كبيرة من رجال أصحاء لا يعانون من وجود مشاكل في السائل المنوي عند بدء الدراسة.

ومع أن الأدلة تشير إلى أن نوعية السائل المنوي قد تدنت بشكل عام عند الرجال خلال العقود الأخيرة،

إلا أن هناك العديد من العوامل التي قد تكون أدت إلى هذا الأمر منها:

استخدام الهاتف النقال، سوء نوعية الغذاء، والتعرض للهرمونات المصنعة كالأستروجين، وكذلك فإن التدخين هو من العوامل التي ثبت تأثيرها السيئ على السائل المنوي والنطف عند الرجال.

** أخيرا..
لكل ما تقدم نحب أن نبين بأن إثبات وجود تأثير للهواتف النقالة على القدرة الإنجابية وعلى النطف عند الرجال يحتاج إلى دراسة رصينة جداً، ولا يمكن الاعتماد على الدراسة السابقة

(التي اعتمدتها أغلب وسائل الإعلام من صحف ومواقع على شبكة الإنترنت)، لذلك يبقى السؤال عن وجود تأثير سيئ للهواتف النقالة على القدرة الإنجابية عند الرجال من غير أي إجابة علمية مؤكدة.

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button